روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | العفـــــة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > العفـــــة


  العفـــــة
     عدد مرات المشاهدة: 2359        عدد مرات الإرسال: 0

العفة خلق إيماني رفيع، العفة صبر وجهاد وإحتساب، العفة قوة وتحمل وإرادة، العفة صون للأسرة المسلمة من الأهواء والإنحرافات والشذوذ، العفة دعوة إلى البعد عن سفاسف الأمور وخدش المروءة والحياء، العفة لذة وإنتصار على النفس والشهوات وتقوية لها على التمسك بالأفعال الجميلة والآداب النفسانية، العفة إقامة العفاف والنزاهة والطهارة في النفوس، وغرس الفضائل والمحاسن في المجتمعات، حقاً.. إنها عفة الإسلام، التي تضبط سلوكيات الآدميين عن الإنحراف إلى مهاوي الرذيلة والإنحطاط، وتحفظ إراداتهم وشهواتهم عن الإنخراط في الزلل وعدم الانضباط.

أخي المسلم.. أختي المسلمة..

لقد حرص الإسلام على أن ينأى بالناس عن الشهوات الحيوانية، والأخلاق الشيطانية، والنفس بطبيعتها كثيرة التقلب والتلون، تؤثر فيها المؤثرات، وتعصف بها الأهواء والأدواء، فالنفس أمارة بالسوء، تسير بصاحبها إلى الشر، فإن لم تُستوقف عند حدها، وتلجم بلجام التقوى والخوف من الله، وتأطر على الحق أطراً، وإلا فإنها داعية لكل شر وهوى ومعصية، والنفس بطبيعتها إذا أُطعمت طعمت، وإذا فوضتَ إليها أساءت، وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت إليها الأمر فسدت، والعفة تأتي لتهذيب النفس وتزكيتها من أهوائها وشهواتها، لتتجلى فيها مظاهر الكرامة الإنسانية، وتبدو فيها الطهارة والنزاهة الإيمانية.

نعم.. إن العفة هي طلب العفاف والكف عن المحرم الذي حرمه الله جلا وعلا والاكتفاء بما أحلّ سبحانه وتعالى وإن كان قليلاً..

= العفة والعفاف:

1. «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طُعمة» رواه أحمد.

2. «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى» رواه مسلم.

3. «بروا آباكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم» رواه الطبراني بإسناد حسن.

4. «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف» رواه الترمذي.

5. «عرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد وعفيف متعفف وعبد أحسن عبادة الله ونصح لموالية» رواه الترمذي.

6. «من أنفق على نفسه نفقة يستعف بها فهي صدقة، ومن أنفق على امرأته وولده وأهل بيته فهي صدقة» رواه بن ماجة.

7. «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه» رواه مسلم.

= العفة في البيت النبوي:

1) «إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي، ثم أرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون من صدقة فألقيها» رواه البخاري.

2) أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة» رواه البخاري.

3) مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق قال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» رواه البخاري.

= أنــــواع العفــة:

1- العفة عن المحارم وتشمل: ضبط الفرج عن الحرام وكف اللسان عن الأعراض.

2- العفة عن المآثم وتشمل: الكف عن المجاهرة بالظلم وزجر النفس عن الإسرار بالخيانة.

* عوامل تحقيق العفة:

1= تحقيق الإيمان الذي يُنشىء مملكة الضمير في نفس المؤمن فيستحضر الخوف والحياء وتذكّر الآخرة وإستشعار عظمة الله ويكون باعثاً على قمع الشهوة في النفس ودرءها عن تجاوز الحد {مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:23]

2= التربية الروحية من صبر ومجاهدة في ذات الله جل وعلا، بدوام الصلة بالله تعالى من ذكر ودعاء وتضرع وتبتل والتجاء إليه، وقراءة للقرآن الكريم بتدبر وتأمل مع الفهم لمعانيه والتعقّل لأسراره وحكمه.

3= تربية النفس بالصوم فإنه مما يعين على زكاة القلب، وطهارة النفس، وبه تنحصر وتضييق مجاري الشيطان، «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

4= توعية الجيل المسلم بتعزيز المنافع والمصالح التي تنشئ العفة والتزام أمر الله عز وجل في الحياة اليومية، مع بيان الآثار السلبية النفسية والإجتماعية والعقلية والروحية للنشء لكل من سلك طريقاً غير طريق العفة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} [طه:124]

5= التقرب إلى الله سبحانه بالنوافل بعد الحرص العظيم على الإلتزام بالواجبات والوقوف الجازم عند الحدود والفرائض، «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إلي مما إفترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..» رواه البخاري.

6= أن يطالع القلب أسماءَ الله وصفاته وأفعاله التي يشهدها ويعرفها ويتقلّب في رياضها، فمن عرف الله وحده بأفعاله وصفاته باعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ومن بعدهم من سلف الأمة الأخيار من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه هداه وأعانه وسدد على الخير خطاه.

7= إنكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى والتذلل له سبحانه والخشوع لعظمته بالقول والبدن والالتجاء إلى الله عز وجل عما يصون النفس عن كل حرَّم الله مع تقوية عزمه في مواجهة هذه المغريات والمثيرات في زمن يُسِرِّت فيه سبل الغواية، وكثرت فيه طرق الفاحشة وتنوعت، «ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله» [رواه البخاري]

8= التوسع على النفس وأخذ المباح، فالنفس بطبيعتها مجبولة على ما أودع الله فيها من فِطَر وغرائز فتصريفها فيما أحل الله عز وجل باب عظيم لسد أبواب من الشر، وغلق مفاتيح الفتنة ونزوات الشهوة.

9= تحيّن وقف النزول الإلهي لمناجاته جل وعلى ودعائه بالثبات على هذا الدين ولزوم الصراط المستقيم، مع تلاوة كلامه والتأدب بآداب العبودية بين يديه، ثم ختْم ذلك بالاستغفار والتوبة النصوح فالله جل وعلا يقول: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:16].

10= البعد كل البعد عن كل طريق يحول بين القلب وبين الله تعالى وذلك لا يتحقق ولا يكون إلا بالبعد عن أنواع السيئات وألوان المحرمات وصور الموبقات، فالقلوب إذا فسدت فلن تجد فائدة فيما يصلحها من شؤون دنياها ولن تجد نفعاً أو كسباً في أخراها: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء:88].

11= التربية الفكرية من غرس المفاهيم والموازين الشرعية ذات العلاقة بالإستعفاف كالعلم بالأحكام الشرعية المتعلقة بالجانب الأخلاقي في المجتمع المسلم والتعرف على بواعث وأسباب الإنحراف الخلقي وآثار ذلك الإنحراف على الفرد والمجتمع والتعرف على وسائل الإصلاح الذاتي والإجتماعي ومنهج التربية الاسلامية ووسائل الاستعفاف وإدراك دور المفسدين وأعداء الإسلام في إفساد المجتمع المسلم ومعرفة مكائدهم وخططهم في هذا المجال.

= من ثمرات العفـــة:

1* تحقيق المروءة التي ينال بها الحمد والمجد والشرف في الدنيا والآخرة التي تقود إلى الارتقاء في سماء الفضيلة، والبعد عن حضيض الرذيلة، والوقوف بالشهوات عند الحد الذي خلقت من أجله، وفق المنظور الشرعي، والمفهوم الأخلاقي.

2* نقاء المجتمع وطهارته من المفاسد والمآثم والرزايا والمصائب والعقوبات الربانية وسلامته من أضرار الخبث الفواحش.

3* الفلاح بثناء الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:1-7].

4* الفوز بالجنة والنعيم المقيم في الآخرة {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:10-11]

5* حفظ الفروج عن الفواحش مما تزكو به النفوس، وتسلم به المجتمعات، ويحفظ به الأمن، وتصان به الأعراض «من يضمن لي ما بين رجليه وما بين لحييه أضمن له الجنة» رواه أحمد.

6* السلامة والنجاة من نار السموم «ثلاثة لا ترى أعينهم النار عين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله وعين كفت عن محارم الله» رواه الطبراني.

7* قوة القلب ونعيمه وطيب النفس وانشراح الصدر فصاحبها مستريح النفس مطمأن البال {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]

8* وفرة العقل ونزاهة النفس وكمالها وعزها وقلة الهم والحزن والغم.

9* صون الأعراض وصيانتها عن الحرام والرذيلة ومواضع الآثام {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:30]

10* تنمية روح الغيرة في النفس والتي هي سياج منيع لحماية المجتمع من التردي في مهاوي الرذيلة والفاحشة والتبرج والسفور والاختلاط المحرم.

= أسباب ضياع العفة:

1= تسخير الإعلام بأنواعه من مقروء ومسموع ومشاهد لبث ما يثير مكامن الشهوة ويخمر العقل ويفسد الروح مما يفسد على الناس عفتهم ويضعفها.

2= الإعجاب بنظم الغرب وتقاليده، والإنبهار بحضارته ومدنيته، مما يدفع بكثير من الناس إلى السفر إلى مواقع تتجلى فيها إشاعة الفاحشة ونشر بواعثها ومثيراتها من نشر للأغاني الساقطة والأفلام الآثمة والمشاهد الفاضحة والمجلات الهابطة والروايات الساقطة.

3= تعرية المرأة وتحريرها وإستعبادها وإخراجها من بيتها للتمثيل والإبداع في مسابقات الجمال وعروض الأزياء والفنون الجميلة وغيرها مما يجلب الفساد والإفساد للمجتمعات.

4= تيسير المحرم وتكثير سبل الغواية وطرق الفاحشة وتنوعها في الأسواق والطرقات والمحلات والمراكز الضخمة والشركات الهائلة إلى غير ذلك..

5= التساهل من المسلمين في إدخال الرجال والخدم في البيوت وإختلاطهم في المراكب والمساكن وأماكن الترفيه مع النساء والفتيات وضعاف النفوس.

6= الأسواق العامة وما فيها من إختلاط وتبرج ودعوة إلى الإثارة والإغراءات المحرمة من كشف للوجه وتجميل له وإبداء لمفاتن الجسد.

7= الدعوة لحرية الفن والترويج له وكسر القيود أمامه وصرف طاقات وشباب وعقول الأمة لهذا العفن.

8= وسائل ومنتديات الترفيه غير البريء كحفلات الموسيقى والرقص والغثاء والمسارح الهابطة والنوادي المشبوهة ودور السينما الرديئة.

9= غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتساهل فيه وعدم الإهتمام به والرفع من شأنه وأنه صمام المجتمع.

10= معوقات الزواج من مغالاة في المهور وإشتراط التكاليف الباهظة للحياة الزوجية والمبالغة في إشتراط المؤهلات العلمية والمكانة الإجتماعية العالية للشباب مع إشتراط بعض الأسر الزواج لبناتهن حسب تسلسل أعمارهن.

= مواقف عفيفة:

1- نبي الله يوسف عليه الصلاة السلام:

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ*وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:23-24]

2- عثمان بن أبي طلحة رضي الله ومرافقته لأم سلمة رضي الله عنها في هجرتها، لمّا فرق قومي بيني وبين ابني وهاجر زوجي إلى المدينة مكثت أيامًا أبكي أخرج إلى خارج داري ثم أعود إليه، فقام رجل من بني المغيرة رآني على حالي فرق لي، وقام إلى قومي وقال: ألا تخرجوا هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وابنها.

قالت: فتركوني أهاجر إلى المدينة وأعطتني بنو أسد  قوم زوجها  ابني، فأخذت ابني فوضعته على حجري وركبت بعيري وسرت وليس معي أحد إلا الله، حتى إذا أتيت إلى التنعيم  موضع قريب من مكة تجاه المدينة  لقيني عثمان بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار

فقال: إلى أين يا ابنة أبي أمية؟

فقلت: أريد المدينة.

فقال: أو ما معك أحد؟

فقلت: لا.

قال: مالك من مترك؟ أي كيف أتركك تسافرين وحدك.

فأخذ بخطام بعيرها فسار معها.

قالت أم سلمة: فما رأيت قط رجل أكرم في العرب من عثمان بن طلحة، كان إذا جئت إلى مستراح أوقف بعيري وتأخر عني فإذا نزلت عن بعيري أخذ ببعيري وتأخر بالبعير فربطه في الشجرة وإضطجع تحت الشجرة، فإذا حان موعد الرحيل جاءني بالبعير فترك البعير وتأخر عنّي، فإذا ركبت البعير جاء وأخذ! البعير وسار بي على ذلك أيامًا متتالية حتى قرب من المدينة فرأى قرية عمرو بن أبي عوف فقال: يا ابنة أبي أمية، زوجك في هذه القرية.

فقالت: فدخلت القرية فوجدت أبا سلمة.

قالت أم سلمة تحفظ الجميل لهذا الرجل: فما رأيت رجلاً أكرم من عثمان بن طلحة قط في العرب.

وأخيرا..

ليس الظريف بكامل في ظرفه *** حتى يكون عن الحرام عفيفا

فإذا تعفف عن معاصي ربه *** فهناك يُدعى في الأنام عفيفا

الكاتب: سلمان بن يحي المالكي.

المصدر: موقع طريق الإسلام.